لـ بشير شريف البرغوثي
إضاءة مقتضبة على كتاب : “إدارة العقل البشري الجديد ” والذي يندرج ضمن كتب الفكر والفلسفة ، للأستاذ الباحث والمترجم بشير شريف البرغوثي.
إدارة العقل البشري الجديد” : دراسة مقارنة برؤية اسلامية للأستاذ بشير البرغوثي من ( 359) صفحة ، تفنّد وتحلّل ، توضح وتبين ما ينطوي عليه كتاب دي بونو العلمي من مخاطر مهلكة في بعضها، متناقضة في بعضها الآخر، اضافة الى بيان ما جاء فيها من مغالطات، ومدى افتقاره الى المرجعية العليا ، وكيف انه في ذات الوقت لا يسعى لبلورة الممكن منها، رغم ما انطوى عليه من أهمية ومرجعية علمية يؤخذ بها على مدى واسع في المحافل الدولية والعلمية.!!
كتاب “إدارة العقل البشري الجديد” ، والذي هو أحد اصدارات الكاتب بشير شريف البرغوثي التي يتجاوز عددها عشرون مؤلفا في حقول عديدة ، جاء ليبيّن أهمية مبادئ العقل الجديد ، مستندة الى الفكر الاسلامي من منظور علمي ، وكاطار تشريعي ومرجعي شمولي ، المرتكز على منطلقات فكرية ورسالة انسانية وعلى المعاملة والمفاعلة ، وكيفية استثمار الفكر الخلاّق والدعوة إليه . هذا الفكر الذي يدعو الى الحوار والتضافر والانطلاق بفكر متجدّد من منطلق التمييز بين الصواب والخطأ ، وكضابط يحدد الغاية الأخيرة ، وكيف يأتي التطوير وكيف نسعى اليه .
وكيفية الاستغلال الأمثل للادراكات المختلفة مع انها من نفس المعطيات ، مع التوسع بتوضيح مفهوم منطق الصخر / منطق الماء والوعي التام به وتبسيط مفهوم التفكير الجانبي ومتى نأخذ به.
ارتكزت فصول الكتاب على المقارنة المبنيّة على الرؤية الشمولية وحكمة المعرفة ، وتبيان أعمال وتفعيل العقل
والقدرة على التصور والتصنيع والتبصر، مع طرح الأمثلة في كلّ منها شاملة جوانب الحياة المختلفة، مدعمة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الموضحة للفكرة والغاية منها ، وتقديم الحجة الداحضة ، مع الدعوة المستمرة للتعرف على آليات العقل البشري وتطبيقاتها ، وكيفية عمل الخلايا والشبكات ، وأسلوب تفاعلها وتوليدها وتوظيفها لحل المشاكل ، للوصول الى مستقبل أفضل من خلال اشتقاق جوامع عظمى من عوامل أولية لمعايير متفق عليها للخروج بابداعات تليق بانسانية نتوق أن تكون بأفضل صورها والتي نفتقر اليها ونطمح اليها.
هذه الدراسة النوعيّة مثيرة وغنيّة بالمعارف العلمية والفكرية، دافعة للتفكر والبحث والاستنطاق ، غنية بالاجتهادات العقلية والمقارنات، وتعتبر منطلقا لمزيد من الأبحاث والدراسات حول ماهية العقل وكيفية عمله واستثماره على نحو أفضل يخدم البشرية.
لتغيير نمط التفكير السائد – الذي تعودنا عليه – ، حتى أنه أتى على أهمية استخدام المصطلحات والكلمات من خلال فهم ما تعنيه وفهم مدلولاتها الصحيحة التي تلمّ بالهدف وتخدم الغاية.
المثير أيضا وبالأدلة العلمية اثبات أن القرآن الكريم اضافة الى كونه جاء كمشرّع ، فله أهمية علمية اضافة الى أنه أهميته الدينية والاخلاقية من خلال الأمثلة التي طرحت في الدراسة ، وكان هناك دافعا بعد قراءة المقارنات لأن تكون القراءة مختلفة عن النمط التقليدي اذ كانت محفزا للتعمق بالتفكر والتعمق في قوانين الحياة العامة وربطها مع الواقع بشكل علمي رصين، مما خلق أسئلة عند القارئ المتفحص ، ومن الأمثلة على ذلك الحديث عن “الصفر العقلي” ، والسياق والبصيرة . اذ كيف يمكن استحضار البصيرة بشكل مصطنع ، وهل يمكن القول ان حدوث البصيرة يكون نتيجة تفاعل كيميائي – كهرومغناطيسي في الدماغ ، مختلف عن العمليات الأخرى التي تتم في الوضع الطبيعي ؟ ؟
وختاما لا بد من توجيه سؤال لمؤسساتنا الثقافية الرسمية والغير رسمية ، الى كم لغة سيترجم هذا الكتاب القيّم ليأخذ حقّه كدراسة فكرية وعلمية ؟؟؟ .
أمل حسن / فلسطين، مجلة رؤيا – العدد الثالث عشر – السنة الرابعة